Monday 11 August 2014

فيـروز والرقة





















بين نومٍ وصَحْو أرى ومضاتٍ باهتةٍ من ذكرى قديمـة .. أرانى جالسًا على أريكتنا الخضـراء الصغيرة ، وبجوارى تجلسُ أمى وفى يديها كتابٌ تقرأُ لى منه ..
كنتُ فى الرابعة ، وكنتُ أرتدى قميصى الأزرقَ المفضّل الذى تقطعُه ، بالطولِ ، خطوطًا خضراءَ رفيعة ..
تقولُ أمى " سأعلّمُك اليوم يا بنى معنىً جديدًا .. سأعلّمك عن الرقّة .. "
" الرِقّة " أكررُ وراءها ..
" نعم .. الرِقّة هى الليونة والرأفة ، هى اللُطفُ والوداعة .. الرِقّة هى التلقائية ، هى الحركةُ الخاليةُ من أىّ ادّعاءٍ أو تظاهـر .. هى الصدقُ الخالص "
نظـرت إليها بيأس وقُلتُ " ولكنْ يا أمى .. لستُ .. لستُ أفهم ! " ..
نظرت لى بحنانِ ثم رفعتْ وجهَها إلى السماءِ وهى تُفكّر .. بدت الحيرةُ على وجهها لبعضِ الوقتِ ، ثم اتّسعت عيناها فجأةً وقالت " انتظـر هنا ، سأعودُ فورًا "
راقبتُها وهى تبتعد فى سرعةٍ حتى اختفت فى حجرتها .. أمسكتُ الكتاب لأرى ما تقرأه لى أمى ، تسلّيتُ قليلًا بتقليب الصفحات حتى عادت أمى وفى يدهـا صورةٌ ما ..
" أنظـر يا بنى .. هل ترى تلكَ المرأة ؟ "
" نعم أراها "
" اسمُها فيروز .. وتلك هى الرِقّة "
وفهمتُ فورًا ..

No comments:

Post a Comment