Friday 29 August 2014

ريشة لا تموت .. ناجى العلى


نعم كان ثمة رجل يُدعى ( ناجى العلى ) ، نحيلًا كالأيام السعيدة ، أبيض الشعـر كعجوز فى الثمانين ، يحملُ قلبًا لم يتلوّث أبدًا بغبـار الزمن ، تلازمه ابتسامة تحمل كل معانى الحزن والعظمة معًا .. 

نعم كان ثمة رجل يُدعى ( ناجى العلى ) .. كان قلمًا بارزًا ساطعًا وسط مئات الأقلام المُخزية .. كان ريشةً صلبة فى مواجهة مَمْحاة العالم القاسية .. كان رجلًا وسط الآلاف من أشباه الرجال ..

نعم كان ثمة رجل يُدعى ( ناجى العلى ) علّم العالم أن القلم قد يكون أخطـر من آلاف الرصاصات ، وأن الكلمة تُخيف حتى أعتى الجيوش وتزلزل أقـوى الحصـون ..

نعم كان ثمة رجل يُدعى ( ناجى العلى ) كشف لنا كم كنا أنصافًا ، كم كنا مُدّعين .. كان مرآتنا أمام أرواحنا ، كشف لنا زيفها وأظهر لنا حقيقتنا المُخزية ..

نعم كان ثمة رجل يُدعى ( ناجى العلى ) ، وكان له طفل يسمى ( حنظلة ) .. ظهره لنا ..يداه مقيّدتان .. يُراقب .. ينتظـر الخلاص .. يرسم خزينا وعارنا ..

نعم كان ثمة رجل يُدعى ( ناجى العلى ) .. لم يتعلّم المهادنة يومًا ، ولم يكن خبيرًا دبلوماسيًا ، وكان كل ما يفهمه هو أن " الصراع هو أن نصلب قاماتنا كالرماح ولا نتعب " ، وأن " الطريق إلى فلسطين ليست بالقريبة ، ولا بالبعيدة ، إنها بمسافة الثـورة "

نعم كان ثمة رجل يُدعى ( ناجى العلى ) ، وإلى روحه الطاهـرة السلام والتحية ..

الذكرى السابعة والعشرون لاستشهاد ( ناجى العلى ) ..

Wednesday 27 August 2014

تجربتى مع القراءة



فى مثل هذا الوقت من كام سنة كنت بقرأ تراب الماس والجزار و 313 وشبيهاتها فقط ، وكنت فخور جدًا بكده ، وكان فى قرّاء أكثـر خبـرة منى بيتريقـوا عليّا من جوّاهم لأنى بقـرأ حاجات خفيفة ، أو تافهة ، زى دى ، لكن مبيصرّحوش بكده خالص احترامًا لرأيى الشخصى ، لكن برضـو فضلوا من جوّاهم زعلانين على مستوى الأدب المستمـر فى الانحـدار وواخد فى طريقه مستوى الذوق الأدبى العام عنـد معظـم القـراء ..
نصحـونى ونصحوا المبتدئين من أمثالى كتيـر ، لكن من إمتى النصيحة بتجيب نتيجة يعنى ؟ ..
الخلاصة إننا فضلنا زى ما إحنا .. عشنا فتـرة من الضحالة لا بأس بهـا لحـد ما بدأنا ننضج فعلًا ..
فترة إنك تكون شخص بتقرأ جديد هى أسعد فترات القراءة اللى هتمّر بيها .. بتكون فيها شخص سهل الإرضـاء وبتقبل كل ما يُعرض عليك من روايات وبتستمتع بيها جدًا
.. الاختيارات لامحدودة والأمـور بسيطة ، بالإضافة لنشـوة التجربة الجديدة .. ومفيش مانع ، من كل وقت للتانى ، تقرأ رواية تقيلة أو مكثفة شوية كنوع من التظاهر بالخبـرة ..
مع الوقت بتنهى كل الروايات الأكثر صيتًا حواليك ، وبيبدأ ذوقك يتجه فى ناحية معينة ، وبيكون صعب إرضاءك جدًا .. خياراتك بتقل ، وروايات قليلة بس اللى بتقدملك جرعة المتعة اللى بتحتاجهـا .. بتتشمم المحيط بتاعك عن كاتب جديد ، بتبدأ تبص للأمـور بمفهوم أوسع ، مش بتكتفى بالكاتب المحلّى اللى تعرفه ، لأ بتدوّر على كتّاب عالميين ، وكتّاب قُدام .. أصحاب نوبل وأصحاب الروايات الأكثـر مبيعًا فى العالم ..
المرحلة الجاية هى مرحلة (البحث عن النادر) ، والمرحلة دى زى ما هو باين من اسمها ، بتبدأ تدوّر فيها عن الروايات والكتب الأكثـر ندرة .. إنت دلوقتى قارئ مخضرم من الدرجة الأولى .. خلاص خلّصت كل ما يتحدث عنه القراء من روايات وكتب وبتبحث عن جديد .. وصلت إمكانية إرضاءك إلى درجة تقارب المستحيل .. بتحس بالاختناق لأنك مش لاقى اللى فى الكتب بيتطبق حواليك .. كل اللى بيتقال حواليك بقى شئ تافه ، لا يثير بداخلك إلا الكآبة والرغبة فى الانتحـار .. بتحتقـر أذواق الناس فى القراءة ، وبخاصة قراء المرحلة الأولى أو القراء الجُدد ..

المراحل دى هيمر بيها أى شخص بيحب القراءة فعلا ومش بيقرأ لمجرد الموضة ، لأن النوع ده من القرّاء ، قُرّاء الموضة ، هيزهقوا بسرعة وهيسيبوا القراءة عاجلًا أو آجلًا ..

الرسالة هنا للقرّاء المخضرمين .. لا تصرّح أبدًا بكرهك لذوق الناس أو لأنواع الكتب والروايات اللى بيقرأوها ، وخليك فاكر إنك عدّى عليك وقت كنت بتقراها وكنت بتضايق من اللى يحقّر من اللى بتقراه ..
ودُمتم .. 

Tuesday 19 August 2014

رفعت وماجى .. قصة حب لا تنتهى




قـرأت روايات رومانسية ليست بالقليلة ، ولكتاب مختلفين ، القديم منهم والجديد .. البطلة فيها دايمًا بتكون "رائعة الجمال" ذات وجه مستدير وأنف دقيقة وفم صغيـر .. والبطل دايمًا "وسيم" ممشوق القوام عريض المنكبين و "شعره مصفف بعناية " .. ومع كل ده متأثرتش لحظـة بالروايات دى .. محسيتش أبدًا إنها لمستنى او قدرت تخلينى أعيش اللحظة زى ما بيقولوا

لكن مع (رفعت اسماعيل) الأصلع العجـوز .. رفعت "الثعبان الذى يتظاهر بأنه سحلية " .. رفعت " عصا المكنسة الصلعاء " .. رفعت الذى يجمع الأمراض كطوابع البريـد ،و (ماجى) النحيلة البيضاء التى "يظهر كل وريد فى جلدها جليًا واضحًا " كان الأمـر مختلف .. قصة حب عشتها فى كل مراحل حياتى .. من أيام ما كنت بحب (سمر) اللى معايا فى الفصل لحد دلوقتى ، مرورًا بمئات من الاعجابات الزائفة وقصص الحب الساذجة ..

رفعت اسماعيل ، بسخريته من كل شئ ، كان دايمًا عنده القدرة إنه يفهمنى مشاعره ل ماجى .. كل مرة بلا استثناء ما زلت أذكر إنى كنت فى قصة حب فى الثانوية وكنت وقتها بقرأ ما وراء الطبيعة .. حفظت موقف رومانسى ، حكاه دكتور أحمد خالد توفيق على لسان رفعت اسماعيل ، كان أثّر فيا جدًا وقولته للبنت اللى بحبها ، وكان رد فعلها غريب جدًا .. قالت تعليق ملوش علاقة بأى حاجة من اللى قولتها ، وده بيّنلى أد ايه هى سخيفة وعقلها أكثر ضحالة من عقل نملة مصابة بالزهايمر .. وبعد الموقف ده توتر اللى بينا وانتهى بعد فترة قصيرة ..
كنت فاكر وقتها إنها ، طالما بتحبنى ، هتفهم كلامى .. لكنى كنت ساذجًا .. كالعادة

رفعت وماجى عاشوا معايا طول عمـرى .. وبرغم إنهم أبطال على الورق إلا إنهم سابوا تأثيـر فيّا أكبـر من ناس حقيقيين كتير عاملتهم ..
رفعت يا صديقى .. شكرًا لك على كل شئ ..
أتمنى أن تجد جنتك التى بحثت عنها دائمًا .. أتمنى أن تلحق بك ماجى هنـاك .. فتكون لها وتكون لك .. للأبـد .. كما أردتما دومـًا ..

Friday 15 August 2014

أدب السجون : كلمتان فى الزور




يُعرّف ( أدب السجـون ) بأنه تجربة حقيقية عاشها شخصٌ ما ، يكون هذا الشخص فى الغالب معتقلًا سياسيًا ، فى سجنٍ ما ثم كتب عنهـا ..
تأسس هذا الأدب منذ سنين طويلة ، وكانت رواية ( شرق المتوسط ) لعبد الرحمن منيف أحد المؤسِسات لهذا النوع من الأدب الذى ازدهر بعد ذلك وامتدت فروعه لتصل إلى كل أنحاء الوطن العربىّ تقريبًا ..
يواجه هذا النوع من الأدب مشاكلَ عدة ، وخاصةً من السلطة الحاكمة التى ترى فى هذا الأدب كشفًا لسياسات قمعية وغير انسانية تحدث داخل تلك السجون ، فتواجه السلطة ذلك الأدب إما بالترغيب وإما بالترهيب الذى يبدأ من مصادرة الرواية إلى التهديد الواضح بالقتل او السجن ..

نظـرًا لأن المجتمع العربىّ يعجّ بالقسوة والديكتاتورية فإن هذا الأدب من أكثر أنواع الأدب تطورًا وازدهارًا ، وقد كُتب فيه عشرات التجارب من بلاد وسجون مختلفة ، وإن كان القسط الأوفـر فى حظ سوريا ، فمنذ إنقلاب آزار الذى قاده ( حافظ الأسد ) ومن بعده ابنه ( بشار الاسد ) والبلاد فى حالة من القمع الذى لا ينتهى ..
كُتبت هناك العديد من التجارب عن السجون السورية مثل :
القوقعة : يوميات متلصص لـ مصطفى خليفة
يسمعون حسيسها لـ أيمن العتوم
نقطة انتهى التحقيق لـ سليم عبد القادر
وغيرها الكثيـر ..  اشتركت كلها فى بشاعة ما يحدث وراء القضبان من تعذيب وقتل وإهانة ..
هناك أيضًا التجارب المغربية ومعظمها يحكى قصص المعتقلين فى سجن تزمامارت الرهيب الذى اعتُقِل فيه مجموعة من الجنود لمحاولتهم قتل الملك ..
كتبت روايات عدة عن هذا السجن ومعتقليه كـ رواية ( الزنازنة 10 ) لأحمد المرزوقى  ،الذى قام بعد ذلك بحوار على قناة الجزيرة حكى فيه جزءًا مما تعرض له فى سجن تزمامارت المقيت .. حوارٌ ابكى كل من سمعه تقريبًا ، ورواية ( تلك العتمة الباهرة ) للطاهر بن جلون الذى حكى فيها تجربة المعتقل ( عزيز بنبين ) ..

والسؤال هنا : كيف يُصبح البشـر بهذه القسـوة ؟ من أين يأتى الجلادون بكل هذا القدر من الكراهية والحقد ؟ ألم يُخلقوا من نفس الطين الذى خُلقنا منه ؟! 

كان أحد أهداف ثورة يناير العظيمة ، وكل الثورات العربية ، هو الافراج عن المعتقلين السياسيين وإعادة الكرامة إليهم ، ولكنها فشلت ككل الثورات وتحوّلت فى النهاية إلى مزرعة حيوان جديدة ليتكرر النحس المصرى كالعادة ..
خلاصة القـول ، سيظل هذا الأدب مزدهرًا فى الوطن العربى طالما بقيت تلك الأنظمة المستبدة على رؤوس الدول ، وسيظلّ الانسان مُهانًا مستعبدًا حتى يقرر كسـر قيوده والثورة على كل هذا الظلم..

Wednesday 13 August 2014

ذكرى دماء ودموع




المشـهد الأول :

دُخـان كثيف يُعمـى القلـوب والأبصار .. خيام ممزقـة ودم أحمـر طاغٍ علـى كـل الألـوان .. أشـلاء مُتناثـِرة وجُثث تفتـرش
الأرض..أصـوات آلات وبنادق تقطـع الفضـاء فتُخفـى أصـوات الصـرخـات والدعـوات.

المشهـد الثانى :
صـرخات جزلة فـرحة بما يحـدث , تُنـادى بالقضـاء علـى تلك "الشـرذمة" التى أفسـدت وظلمـت .. ينـادون بتخليص الوطـن مِن مَـن هـم دونَ البشـر.

المشهـد الثالث :
أمـام التلفـاز يجلسـون .. اختلفـت آراؤهم .. فئـة تنـادى بالرحمـة واحتـرام الإنسـان أيـا كان رأيـه وتوجهه وأخـرى تطالـب بالمزيـد من القسـوة والقتـل والتشـريد.

بعـد أيـام طويلـة

المشهـد الأول :
اختفـى الحُـزن ، أو كـد ، وما بقى هو الألـم فى صـدرِ أمٍ فقـدتْ وحيـدَها , تدعـو فى صلاتهـا على من ظلـمَ وقتل , تنتظـر العدالـة الإلهيـة ، فلا عـدالةَ أرضيـة ستُريحهـا.

المشهـد الثانى :
لـم يختلـف الأمـر كثيـرًا .. ذهـب حاكـم وجـاء آخـر وبقـى الفسـاد والظلـم كمـا هـو .. أُلغـى دستـور وجـاء آخـر وما زال الفقيـر والغنىّ كمـا همـا .. ذهبت دولـة عواجيـز وأتت أخـرى ومـا زال الشبـاب مدفونًا تحت ركام الاهمال ، لكنـه يخـدعون أنفسـهم بأن ما هـم فيـه افضـل كثيـرًا مما مضـى.

المشهـد الثالث :
بقـوا علـى حالهـم , كل ما اختلف هو الفتـور والملل .. كل ما قيل قد قيل من قبـل ..لا شئ جـديد.


المشهـد الأخيــر 1
يجلـس وحيـدًا فى الظـلام , يرى الأمـر من منظـور مُختلف .. يعلـم أنهم سيخذلونه كمـا خذلوا غيـره .. لا يحـزن ولا يغضـب ,
فـ مكانـه الآن أفضـل كثيـرا مما سبق .. لا يهمه الآن إن اقتصّوا له أم لم يفعلـوا..
يضحـك ويضحـك ويضحـك..

المشهـد الأخيـر 2
أوقـد نارًا وجلـس يستدفئ عندمـا سمـع صوتَ ضحكـاتٍ صافيـةٍ قادمـةٍ من أحد القبـور المجاورة .. لم يقم من مكانه فقـد اعتـاد سماع تلك الضحكـات طوال الأيـام السابقة .. كانت قادمـة من قبـر أحد الشهداء .. 

أمـل



تقـول أمـى أن الحُلم كـ بالونـة تُمسِكُها يـداكَ بخيـطٍ هـو الأمـل .. متى تخلّيتَ عن الأمـل فقـدتَ بالونتـك ..

مذكرتى العزيزة .. إليكِ أفكارى



مذكرتى العزيـزة .. 
لن أطيـلَ عليكِ .. فقط أريـد أن اخبـركِ أننـى تعلّمـتُ درسـًا جديدًا .. 
تعلّمتُ أن أبقىَ تفكيـرى لنفسى وألا أسمح له بأن يتخطى جدران جمجمتى ..
تعلّمتُ أن الناس يرون ما يريدون فقـط ، وأنهم خُلقـوا ، فقط ، ليُحيلُوا حياتى إلى جحيـمٍ لا يُطـاق .. 
سجّلى اليومَ بين صفحاتكِ وانتظـرى أن اعـودَ إليكِ كما كنتُ أفعل قديمًا.. 
فليسَ مثلُكِ أمينًا على أفكارى ..

أقنعـة




دعنى أحكِ لك حكايتك منذ البدايـة يا عزيزى .. لا تقلق ، إنها حكايـة قصيـرة ولن تأخذ من وقتك الكثيـر .. 
فى البدايـة كنتَ طاهـرًا نقيـًا لا تشوبك شائبـة .. وماذا بعد ؟ 
قررت أن تتظاهـر .. أن ترتدى قناعًا لا يناسبك ، وأن تتخلق بما لم يخلق من أجلك من خُلُق .. ثم ماذا ؟ 
ثم تحوّلت إلى المرحلة التاليـة .. أن تكون مصطنعًا بالكامل ، وأن تصبح كتلة من النفاق والزيف تمشى على قدمين .. ماذا تقول ؟ ..بالطبع أنت لا تدرى ما حدث من تغيّـر يا صديقـى .. أنت تنظـر من داخلك ، بينما يجب ، لكى تعرف ، أن تنظـر من الخارج ..
تقول أنك ستعـود كما كُنت ؟ لا أعتقـد ..
لقـد تغيـّرتَ بالكامل يا صديقى .. لا مجال لعودتك .. كل ما تستطيع فعله الآن هو التأقلم .. تأقلم مع صورتك الجديدة ، وادعُ الله أن يتحمّلك من حولك ، وأن يروا فيك شخصَك القديم.

Tuesday 12 August 2014

غسان كنفانى .. الميّت الحى



غسـان مات ربمـا ، ولكنّه صنع بؤرة مقاومة تتسع مع كل شخصٍ يقـرأ له ..

أكاد أرى هذا الفتـى وهو يقـرأ له للمرة الأولى .. أرى تلك الرعشة التى تعلو ظهـره .. أرى ملامحه تزداد قـوة وإرادة .. أشعـر بيديه تنقبض كأنما يريد غرس أظافـره فى أول عـدوّ يلاقيـه ..
أراه يمد يده فى محاولة يائسة ل " يطرق جدران الخزان " ، وقد يلتفت حوله باحثـًا عن صفيـة ليحدّثها عن الوطن أو عن أم سعـد ليقبّل يديها ..
ربما ينتفض مرةً أخيـرًا قبل موته فى محاولةٍ لأن يكون ندًا .. كلها احتمالات ، ولكن ما هو أكيد أنه " لن يموت قبل أن يزرع فى الأرض جنته "

غسـان مات ربما ، ولكنّه ما زال حيـًا ..


زيتونة محترقة



وقف بين الاطلال متأملًا ..
كان بيته هنـا تمامًا .. أحجاره البيضاء القديمة ، تكسوها ذرات التراب الرمادى فتعطيها منظرًا أثـريًا محببًا .. بابه الخشبىّ الثقيل ، يضيءُ مدخلَه مصباح أصفـر قديم .. نافذته الخضـراء بلون العُشب .. السيارة الفولكس العتيقة التى يملكها والده والتى أصبحت أحد علامات البيت ..
مُنذُ يومين فقـط كان هذا الفراغُ منزلًا .. منزله ..
فى هذا المكان اجتمع بأصدقائه ، وقابل محبوبته سرًا .. شرِب البوظة لأول مـرة ، وسرق مفتاح الفولكس وحاول قيادتها ..
فى هذا المكان تقبع ذكرياته ، وأحلامه .. أين هى الآن ؟
هل كان يجب أن يترك منزله فى هذا اليـوم ؟
لطالما كان كسـولًا .. تأمره أمه : " اذهب إلى أم خالد واطلب منها رغيفين للعشاء " ..
يرد : " لماذا لا تخبزون خبزكم بدلًا من هذا التسوّل ؟! "
تنظـر إليه أمه بمرارة ولا ترد.
كان يعلم حالهم جيدًا .. يعلم أن أمه لا تطلب منه هذا إلا لضيق رزق لا يُحتمَل ..
يعلم كل هذا ولكنه يكررها : "لماذا لا تخبزون خبزكم بدلًا من التسوّل ؟! "
يقوم من مجلسه بتكاسل كالعادة وينادى رندة ، أخته.. " اذهبى إلى أم خالد واطلبى منها رغيفين للعشاء ! "
لماذا هذه المرة بالذات قرر الذهاب بنفسـه ؟!
يقولون أننا نظل أطفالًا إلى أن نفقـد أمهاتنا ، عندهـا نكبُر فجـأة ..
ماذا عمن فقـد أمه وأخوته جميعًا ؟ لقد مُت مرات عدّة فى ثوانٍ قليلة !
واقفٌ أنا فى ذهول .. صرخاتهم المُلتاعة تأتينى فأتجمّدُ أكثـر .. قدماى كمسماريْن دُقّا إلى الأرض بمطرقة ثقيلة ، وعينياى تغشاهما نارٌ تحرق عائلتى وقلبى ..
أمى هناك تحترق .. أختى هناك تحترق .. أخى هناك يحترق .. زيتونتى هناك تحترق .. آه يا زيتونتى ..
ارتفعت بعينى لأرى الطائرة تنسحب بفخـرٍ بعد أن أدّت مهمتهـا بنجـاح !
جميلة هى الطائـرة .. كطائرٍ خُرافىّ من الحكايات القديمة..
قال لى صديقى سمير ذات يوم " لا شئ مثل ركوب طائرةٍ وإلقاء نظرةٍ من شُبّاكها " ، وصدقته.
كيف رأى ذلك الطيّار منزلنا ؟ هل رآه جميلًا كما يقول صديقى سميـر ؟ .. لا أعتقد هذا ، وإلا لماذا دمّره طالما يراه جميلًا .. هل كان سيغيّر رأيه لو رآنى ألعب فوق السطح كما أعتدت مع أصدقائى ؟ ربما لو رأى ( رندة ) تحدّث دميتها لعدَل عن ذلك ، ماذا لو رأى أمى وهى تجفف تجفف التين أو تنشر غسيلها ؟
ها هى أمى أمامى ، أشلاء ممزقة.. لن تجفف التين أو تنشـر الملابس مرّة أخرى ..
قررتُ ، فى داخلى ، ألّا أدع زوجتى تُجفف التين لأن هذا يزعج الطائرات ..

شارع المغربى



اقتـرب الموعـد ..
يجلس على كرسيه فى قلق يراقب ساعة الحائط المُعلقة على الجدار أمامه .. دقيقتان حتى تدق التاسعة مساءًا .. دقيقتان قبل أن يحين موعـد كابوسه المُعتـاد ..
ضم ياقة قميصه كأنما يحاول الاختبـاء من شئ مـا ثم أغمض عينه وانتظـر .. بعد دقيقتين سيناديه والده كالعادة ليشترى له علبة سجائر ..

منذ سنين طويلة ووالده يشرب نفس العدد من السجائـر كل يـوم .. إنها دومًا أربعة سجائر ، وبالتالى تنتهى العلبة بعد خمسة أيام .. خمسة أيام تفصله عن الكابوس والآخـر.
يقع منزلهم فى نهاية شارعٍ طويلٍ يُسمّى شارع ( المغاربى ) ، بينما يقع المتجـر الوحيد فى البلدة على الجانب الآخـر من الشارع ، ولهذا يضطر لقطع ذلك الشارع كلما أراد أن يشترى ما يريد ..
إنه جبان ولا يُخفى هذا .. كان دائمًا يختار وقتَ الظهيـرة أو الصباح ليشترى ما يريد .. يكون الشارع وقتها ممتلئًا بالبشـر .. فلاحين ، ومعهم بهائمهم ،  يقطعون الشارع ثم يعبرون القنطرة الصغيرة ليصلوا إلى أراضيهم على الجانب الآخـر .. نساء يجلسن أمام البيوت يتحدثن بالنميمة عن هذه وتلك .. عم صبحى بائع الملح الذى أصبح أحد علامات البلدة القليلة بجسده النحيل وصرخته الغريبة التى ينادى بها على بضاعته .. أطفالٍ بملابس رثة يلعبون الكرة ، ويحاولون بقدر الإمكان ألا يكسروا زجاج أحد المنازل ..
ولكنّ والده يصـر على أن يرسله فى هذا الموعد دائمًا ليحضر له السجائر .. التاسعة مساءًا !
ما المميز فى هذا الوقت ؟! .. لا يعرف.

ها هو يخرج من منزله كالعادة .. ينظـر بعينٍ وجلةٍ إلى نهاية الشارع المظلمة .. يتلو بعض آيات القرآن ثم يتحرك ..
أصحاب البيوت فى هذا الشارع فقراء ولا يملكون رفاهية وضع المصابيح أمام منازلهم .. لهذا تجد أن الشارع مُظلمٌ كقبـر .. يثيـر فى داخله خيالات لا تنتهـى ..
الربع الأول من الشارع هو الأسهـل .. الأرض منبسطة ، وأنوار الطريق الرئيسىّ تتسرب من انحناءات المبانى لتلقى أشعتها القليلة فتخفف وحشة الظلام ..
يقطع هذا الجزء ببطء كإنما يريد أن يؤخـر الكابوس قدرَ الإمكان ..
البيوت فى منتصف الشارع قليلة الارتفاع .. يتسلل القمر من فوقها ليلقى ظلالًا على أرض الشارع المُبتلّة دائمًا .. هنا يبدأ الكابـوس !
جذوع نخل لعينة .. ترقد كجثث إلى جانب الشارع ..ملقاةً هنا منذ سنوات طويلةٍ حتى تصدّعت وتشققت واخترقتها العقارب والأفاعى .. تقضى نهارها مختبئة وتخرجُ ليلًا بحثًا عن فرائسها من الفئران والطيور .. والبشـر ..
رأى فى صغره فيلمًا لأفعى كوبرا تبتلع الناس أحيـاء ، وظل لسنوات طويلة يتخيّل هذه الجذوع كأفاعى عملاقة ترتفع بنصفها العلوىّ لتلتقمه إلى بطنها ..
رأى بعد ذلك فيلمًا عن عالمٍ مجنون يجمع أجزاء الموتى ليحولّها إلى جثةٍ واحدةٍ ثم يعرّضها للكهرباء فتصيرُ حيةً تهاجم الناس .. لا يذكر تمامًا اسم الفيلم ، ولكنه كان مرعبًا بما يكفى لتظل أحداثه حاضرة فى ذهنه إلى الآن ... هكذا اختلف منظوره إلى الجذوع لتصبح جثثً مُجمّعَةً لبشـرٍ  متربصة تنتظـر أن يغفل عنها لتقطع رأسه ..
يذكر الله مرةً أخرى ويكمل سيره ..
إنه الآن فى منتصف الشارع .. يخيّل إليه أن ظله يسير أسرع منه ! .. ينظـر خلفه فلا يرى شيئًا .. إنها ألعاب الظل المُعتـادة ! انعدام الضـوء يخيف بينما قليلٌ من الضـوء يخيف أكثـر ..

يراقب رسومات لأطفال مشوهين على جدران المنازل .. أطفالٍ ضاحكين برؤوسٍ بيضاويةٍ ضخمة وأيادى غليظة وفمٍ واسعٍ تملؤه أسنان مدببة ..
رسم هو وأصدقاؤه هذه الرسومات منذ وقت طويل ، ولو كان يعرف أنها ستسبب له كل هذا الرعب لما رسمها .. حاول لأيامَ طويلةٍ بعد ذلك أن يُزيلها ولكنها لم تُمسح .. ظلت فى مكانها ، ضاحكة تسخر منه ..
يجدّ السيـر حتى ينتهى من هذا الكابوس .. "هانت" قال لنفسه ..

 لم يعد هناك الكثيـر .. فقط عليه أن يمّر بكلاب ( أم محمود ) المخيفة ذات العيون المضيئة التى تبادله النظرات بوقاحة ، ويُخيّل إليه أنه إذا خاطبها ستجيبه !
ها هى .. أقذر مجموعة من الكلاب قد تراها فى حياتك .. كلبٌ أسود ضخم ، هو قائد المجموعة  ، تتبعه كلابٌ حمراء وخضراء وصفراء تشكّل عصابةً تسطو على المنازل ، ذات السقف المنخفض ، ليلًا لتأكل الدجاج والحمام واللحوم المنسية والطعام المكشوف ..
تلتف حوله فى خبث ، تتبعه لخطوات قليلةٍ لتفرض نفوذها وتُثبت قوتها وجرأتها .. ينظر خلفه يتابعها فى حـذر ، يستمر فى مشيه ونظراته تلاحقها إلى أن تتوقف ف يتحول ببصره للأمام ..
وصل أخيـرًا إلى المتجـر .. تنهد بارتياح وشكر الله بصدق ..
رأى عالمًا يموج بالحركة عند المتجـر ..شباب يقفون على الناصية البعيدة يدخنون السجائر ويثرثرون عن النساء والنادى الأهلى والحشيش .. أطفالٌ يتعاركون على شئٍ لا يدرى كنهه ..( عربى ) صاحب المتجر وأصدقاؤه يجلسون على حصيرة قديمة يتبادلون الأحاديث وأحجار المعسل ..
يراه ( عربى ) من بعيد فيقوم من مكانه فى تكاسلٍ ليحضـر طلبه الذى يعرفه جيدًا ..يرفع الخشبة التى تغلق باب المتجر الصغير ويمد يده إلى الرف الثالث على يمينه ليلتقط علبة السجائر ثم يخرج من المتجر ليعطيها للفتى الصغير  ..
ينظـر الفتى بضيقٍ إلى صورة الرئة المتعفنة الموجودة على غلاف العلبة " هل ستكون رئة أبى كهذه يومًا ما ؟ " ..
يقول الفتى " قيّدها على النوتة يا عم عربى " ثم يدور على عقبيه ليعود ..يمشى سرحانًا يفكر فى الخمسة أيام القادمة التى سيعيشها فى هدوء حتى ينتهى والده من علبة السجائر تلك .. سيلعب الكرة كل يوم مع خالد ومحمود وباقى الأصدقاء  .. سيقضى يومًا مع أولاد خاله فى أرضه القريبة من هنا  ، يأكلون الجبن القديم وخبز الذرة الجاف ويشربون الشاى المصنوع على فروع الشجر القديمة و(قوالح) الذرة الجافة ، يجلسون بجوار خالهم وباقى فلاحى المنطقة يراقبونهم وهم يتندّرون على بعضهم البعض ويلقون النكات السخيفة التى تجعلها طريقتهم فى الكلام مضحكة .. ربما يقضى يومًا مع أولاد عمه عند النهر القريب ، وربما يسمح له عمه بالسباحة قليلًا ..

أفاق من أحلامه على صوت نباح أحد الكلاب فتذكّر أن الطريق ما يزال طويلًا أمامه.
ذكر الله مرةً أخـرى ثم أكمل طريقه متمنيًا أن يكُفّ والده عن التدخين ..




Monday 11 August 2014

خيبات الأمل




وقد سألتُها عن خيبات الأمل فـ أجابت : " خيبات الأمـل هى انتظار ما لا يأتى وتوقّع مالا يحدث ، كانتظار قطارٍ أو مكالمةِ ما قبلَ النومِ أو نسمةٍ باردةٍ فى يومٍ حار أو غيمةٍ محمّلةٍ بالمطر بعـد جفافٍ طويل .. 
خيبة الأمل هى ما يُحس به صائدُ الغزلان بعد أن تطيش رصاصته ، وواضعُ الامتحانِ بعدَ أن يُسرّب امتحانُه ، ونملةٌ محصورةٍ وسطَ سيلٍ من الأمطارِ لا تستطيعُ العودةَ لوكرها ، وكاتبٌ يطاردُ فكرتَه ولا يستطيعُ اللحاقَ بها ، وأمٌ ترى ولِيدهـا يُفارقُ الحياةَ أمامَ عينيها "

هززتُ رأسى فى اقتناعٍ ثم سألتها عن خيباتِ الألم فلم ترد.

واقع !



وأمّى تقِفُ على حدودِ الماضـى ، بينما يقفُ أبى على حـدودِ المستقبلِ.. تضربُنى هى بعصاها الطويلةِ برفقٍ فـ تمنعُنى من الاستسلامِ للذكرياتِ ، ويصرخُ هو فى وجْهى بألّا أتقدّمَ إلى المجهول .. 
وأظلُ فى النهايـةِ محصـورًا فى واقعٍ كمستنقعِ قاذورات..

فيـروز والرقة





















بين نومٍ وصَحْو أرى ومضاتٍ باهتةٍ من ذكرى قديمـة .. أرانى جالسًا على أريكتنا الخضـراء الصغيرة ، وبجوارى تجلسُ أمى وفى يديها كتابٌ تقرأُ لى منه ..
كنتُ فى الرابعة ، وكنتُ أرتدى قميصى الأزرقَ المفضّل الذى تقطعُه ، بالطولِ ، خطوطًا خضراءَ رفيعة ..
تقولُ أمى " سأعلّمُك اليوم يا بنى معنىً جديدًا .. سأعلّمك عن الرقّة .. "
" الرِقّة " أكررُ وراءها ..
" نعم .. الرِقّة هى الليونة والرأفة ، هى اللُطفُ والوداعة .. الرِقّة هى التلقائية ، هى الحركةُ الخاليةُ من أىّ ادّعاءٍ أو تظاهـر .. هى الصدقُ الخالص "
نظـرت إليها بيأس وقُلتُ " ولكنْ يا أمى .. لستُ .. لستُ أفهم ! " ..
نظرت لى بحنانِ ثم رفعتْ وجهَها إلى السماءِ وهى تُفكّر .. بدت الحيرةُ على وجهها لبعضِ الوقتِ ، ثم اتّسعت عيناها فجأةً وقالت " انتظـر هنا ، سأعودُ فورًا "
راقبتُها وهى تبتعد فى سرعةٍ حتى اختفت فى حجرتها .. أمسكتُ الكتاب لأرى ما تقرأه لى أمى ، تسلّيتُ قليلًا بتقليب الصفحات حتى عادت أمى وفى يدهـا صورةٌ ما ..
" أنظـر يا بنى .. هل ترى تلكَ المرأة ؟ "
" نعم أراها "
" اسمُها فيروز .. وتلك هى الرِقّة "
وفهمتُ فورًا ..

عن الأحلام ..





على عكس البشـر ، تُولـد الأحـلام ضخمة ، هائلة ، وتضمـرُ ببطء إلى أن تتحطم على جدران الواقع الصادمة..

حالمـات




كانت تنتظـره .. دائمًا تنتظـره .. فارس أحلامها ، بحصانه وعبائته البيضاوين بلون الثلج .. انتظرته طويلًا أن يأتىَ ليخرجها من جحيم أحزانها .. قُبلة واحدة ستفى بالغـرض .. 

ستحملها إلى النجوم فى مكانها .. 
أحسّت بعالمها ينهـار من حولها .. كيانها يهتـز بقـوة .. اختفت السماء فجأة .. سمعت صوتًا جهورًا يهتف " إصحى يا وليّة وحضريلى الفطاار " 
استيقظت من نومها على صوت زوجها .. مسحت ( ريالتها ) التى تساقطت من فمها ورسمت دائرة صغيرة على وسادتها .. نظرت إلى كرش زوجها الضخم وفانلته البيضاء الهاربة من بنطاله ثم قامت من سريرها لتحضّر له الطعام ، وآثار قبلة فارسها ما تزال على شفتيها .. 

المبهـرون الجُدد




كان يعشقُ انبهارَهم به عندما يُخبرُهم بانجازاتِه الكثيرةَ التى قامَ بها فى سِنّه الصغيرِ هذا .. ظلّ يُلقى عليهم تلك الانجازات لسنينَ طويلةٍ .. مع الوقتِ بدأَ انبهارُهم يخفتُ ورغبتُهم فى الكلامِ عنه تقلّ ، لكنّه لم يتقبّل هذا .. ظلّ يبحثُ عن أى موقفٍ يستدعى إعادةَ سردِ إنجازاتِه مرةً أخـرى ، ولمّا لم يجدْ أىّ موقفٍ قررَ أن يصنعَ مواقِفه الخاصـةَ .. وعندما انتهت حِيَلُه واختفت كلّ الفرصِ بدأَ يطاردُ الناسَ فى الشارعِ ليحكى لهم إنجازاتِه ، يستوقفُهم فى الشارعِ ليحكى لهم ، وإذا رفضُوا أوقفَهم بالقوة ..
رأيناه بعدها وقد شابَ شعره وتهلهلتْ ملابسُه وأصبحتْ رائحتُه لا تُطاق ..
فى النهاية مات ميتةً هادئةً وشيّعه إلى قبـرِه الكثيرُ من الناسِ وهم يتهامسون فيما بينهم بإنجازاته المُبهرة .. 

تغيّر القناعات .. عن الجنس والأدب




فى السنتين اللى فاتـوا تغيّـرت قناعتى فى موضوع ( استخدام الجنس فى الأدب ) لحد ما وصلت للحالة اللى انا فيهـا دلوقتـى دى .. 
فى البدايـة كنت بمتعض لمجـرد إنى أشوف أى إيحاء ، ولو من بعيـد ، يدل على شئ جنسـى . مجرد القُبلة كنت بتخنـق منهـا ! 
انا فاكر كويس لما واحد من اصحابى رشحلى الفيل الأزرق ، وكانت من اوائل الروايات اللى قريتها .. امتعضت واتخنقت وروحت اتخانقت مع صاحبى ده بسببها .. 

المرحلة اللى بعد كده كانت متمثلة فى رواية ( عزازيل ) اللى كان فيها ما لا يقل عن 6 فصول من الجنس ال pure .. ومع ذلك مزعلتش وحبيت الرواية جدًا لأن الجنس ده كان متوظف جدًا ولو الكاتب مكنش استخدمه مكانتش الرواية هتكون بالجمال ده ..

انتقلت بعد كده للمرحلة اللى بعدها ( الكاتب بيستعمل فى الجنس ألفاظ جريئة جدًا جدًا ) .. المرحلة دى تمثّلت فى رواية ( منافى الرب ) للعزيز أشرف الخمايسى .. الرواية كانت مُبهرة جدًا ، لكن الحتة اللى فوق دى ضايقتنى ومنعتنى من إنى أقيمها 5/5 ..
لكن من يومين بس قريت الريفيو بتاعى تانى ولقيت إن ده مش سبب كافى يمنعنى أقيم الرواية التقييم ده ف غيرت تقييمى ل 5/5..

المرحلة الاخيـرة كانت مع رواية ( لا سكاكين فى مطابخ هذه المدينة ) ل خالد خليفة .. الرواية مرعبة وكئيبة وقاتمة بدرجة تخوّف . .بتناقش قضايا مهمة جدًا لكن الإطار العام كان عن عائلة انحدرت اخلاقها وقيمها وتحوّلت إلى قاع المجتمع فى الانحطاط والسفالة .. جزء من اللى ناقشه الكاتب هنا هو ظاهرة ( الشذوذ الجنسى ) .. واحد هيقولى ما هو علاء الاسوانى ناقشه زمان ف عمارة يعقوبيان .. هقولك المرادى مختلف .. المرادى الكاتب كان جرئ جدًا فى وصفه لدرجة إنه كان بيوصف اجزاء من العلاقة بين الرجل وخليله .. ومع ذلك مكرهتش الرواية .. رغم إنى لو كنت قريتها زمان كنت قطعتها وحرقتها ورميت رمادها فى البحر ، لكن لقيت نفسى حابب الرواية جدًا وشايف انها رواية عظيمة ..

دلوقتى ممكن اتقبّل أى رواية مهما كان فيها من جنس طالما الجنس ضرورى وموظف وليه فايدة .. 

لكن لو ملوش أى لازمة ، والكاتب بيحشى وخلاص يبقى ده اسمه استهبال ، وده اللى بيعمله الأخ 
علاء الأسوانى دايمًا .. 

إيه اللى حصل معايا ده بقى ؟

إزاى تحوّلت من شخص يتأفف لمجرد ( القُبلة ) ل شخص يقبل كل هذا الكم طالما فى مكانه ؟ 

هل ده نفاق ؟ هل انا كده ب 100 وش ؟

بيتهيألى لأ .. انا بسميه ( اتساع أفق )