Friday 15 August 2014

أدب السجون : كلمتان فى الزور




يُعرّف ( أدب السجـون ) بأنه تجربة حقيقية عاشها شخصٌ ما ، يكون هذا الشخص فى الغالب معتقلًا سياسيًا ، فى سجنٍ ما ثم كتب عنهـا ..
تأسس هذا الأدب منذ سنين طويلة ، وكانت رواية ( شرق المتوسط ) لعبد الرحمن منيف أحد المؤسِسات لهذا النوع من الأدب الذى ازدهر بعد ذلك وامتدت فروعه لتصل إلى كل أنحاء الوطن العربىّ تقريبًا ..
يواجه هذا النوع من الأدب مشاكلَ عدة ، وخاصةً من السلطة الحاكمة التى ترى فى هذا الأدب كشفًا لسياسات قمعية وغير انسانية تحدث داخل تلك السجون ، فتواجه السلطة ذلك الأدب إما بالترغيب وإما بالترهيب الذى يبدأ من مصادرة الرواية إلى التهديد الواضح بالقتل او السجن ..

نظـرًا لأن المجتمع العربىّ يعجّ بالقسوة والديكتاتورية فإن هذا الأدب من أكثر أنواع الأدب تطورًا وازدهارًا ، وقد كُتب فيه عشرات التجارب من بلاد وسجون مختلفة ، وإن كان القسط الأوفـر فى حظ سوريا ، فمنذ إنقلاب آزار الذى قاده ( حافظ الأسد ) ومن بعده ابنه ( بشار الاسد ) والبلاد فى حالة من القمع الذى لا ينتهى ..
كُتبت هناك العديد من التجارب عن السجون السورية مثل :
القوقعة : يوميات متلصص لـ مصطفى خليفة
يسمعون حسيسها لـ أيمن العتوم
نقطة انتهى التحقيق لـ سليم عبد القادر
وغيرها الكثيـر ..  اشتركت كلها فى بشاعة ما يحدث وراء القضبان من تعذيب وقتل وإهانة ..
هناك أيضًا التجارب المغربية ومعظمها يحكى قصص المعتقلين فى سجن تزمامارت الرهيب الذى اعتُقِل فيه مجموعة من الجنود لمحاولتهم قتل الملك ..
كتبت روايات عدة عن هذا السجن ومعتقليه كـ رواية ( الزنازنة 10 ) لأحمد المرزوقى  ،الذى قام بعد ذلك بحوار على قناة الجزيرة حكى فيه جزءًا مما تعرض له فى سجن تزمامارت المقيت .. حوارٌ ابكى كل من سمعه تقريبًا ، ورواية ( تلك العتمة الباهرة ) للطاهر بن جلون الذى حكى فيها تجربة المعتقل ( عزيز بنبين ) ..

والسؤال هنا : كيف يُصبح البشـر بهذه القسـوة ؟ من أين يأتى الجلادون بكل هذا القدر من الكراهية والحقد ؟ ألم يُخلقوا من نفس الطين الذى خُلقنا منه ؟! 

كان أحد أهداف ثورة يناير العظيمة ، وكل الثورات العربية ، هو الافراج عن المعتقلين السياسيين وإعادة الكرامة إليهم ، ولكنها فشلت ككل الثورات وتحوّلت فى النهاية إلى مزرعة حيوان جديدة ليتكرر النحس المصرى كالعادة ..
خلاصة القـول ، سيظل هذا الأدب مزدهرًا فى الوطن العربى طالما بقيت تلك الأنظمة المستبدة على رؤوس الدول ، وسيظلّ الانسان مُهانًا مستعبدًا حتى يقرر كسـر قيوده والثورة على كل هذا الظلم..

No comments:

Post a Comment