Friday 29 August 2014

ريشة لا تموت .. ناجى العلى


نعم كان ثمة رجل يُدعى ( ناجى العلى ) ، نحيلًا كالأيام السعيدة ، أبيض الشعـر كعجوز فى الثمانين ، يحملُ قلبًا لم يتلوّث أبدًا بغبـار الزمن ، تلازمه ابتسامة تحمل كل معانى الحزن والعظمة معًا .. 

نعم كان ثمة رجل يُدعى ( ناجى العلى ) .. كان قلمًا بارزًا ساطعًا وسط مئات الأقلام المُخزية .. كان ريشةً صلبة فى مواجهة مَمْحاة العالم القاسية .. كان رجلًا وسط الآلاف من أشباه الرجال ..

نعم كان ثمة رجل يُدعى ( ناجى العلى ) علّم العالم أن القلم قد يكون أخطـر من آلاف الرصاصات ، وأن الكلمة تُخيف حتى أعتى الجيوش وتزلزل أقـوى الحصـون ..

نعم كان ثمة رجل يُدعى ( ناجى العلى ) كشف لنا كم كنا أنصافًا ، كم كنا مُدّعين .. كان مرآتنا أمام أرواحنا ، كشف لنا زيفها وأظهر لنا حقيقتنا المُخزية ..

نعم كان ثمة رجل يُدعى ( ناجى العلى ) ، وكان له طفل يسمى ( حنظلة ) .. ظهره لنا ..يداه مقيّدتان .. يُراقب .. ينتظـر الخلاص .. يرسم خزينا وعارنا ..

نعم كان ثمة رجل يُدعى ( ناجى العلى ) .. لم يتعلّم المهادنة يومًا ، ولم يكن خبيرًا دبلوماسيًا ، وكان كل ما يفهمه هو أن " الصراع هو أن نصلب قاماتنا كالرماح ولا نتعب " ، وأن " الطريق إلى فلسطين ليست بالقريبة ، ولا بالبعيدة ، إنها بمسافة الثـورة "

نعم كان ثمة رجل يُدعى ( ناجى العلى ) ، وإلى روحه الطاهـرة السلام والتحية ..

الذكرى السابعة والعشرون لاستشهاد ( ناجى العلى ) ..

Wednesday 27 August 2014

تجربتى مع القراءة



فى مثل هذا الوقت من كام سنة كنت بقرأ تراب الماس والجزار و 313 وشبيهاتها فقط ، وكنت فخور جدًا بكده ، وكان فى قرّاء أكثـر خبـرة منى بيتريقـوا عليّا من جوّاهم لأنى بقـرأ حاجات خفيفة ، أو تافهة ، زى دى ، لكن مبيصرّحوش بكده خالص احترامًا لرأيى الشخصى ، لكن برضـو فضلوا من جوّاهم زعلانين على مستوى الأدب المستمـر فى الانحـدار وواخد فى طريقه مستوى الذوق الأدبى العام عنـد معظـم القـراء ..
نصحـونى ونصحوا المبتدئين من أمثالى كتيـر ، لكن من إمتى النصيحة بتجيب نتيجة يعنى ؟ ..
الخلاصة إننا فضلنا زى ما إحنا .. عشنا فتـرة من الضحالة لا بأس بهـا لحـد ما بدأنا ننضج فعلًا ..
فترة إنك تكون شخص بتقرأ جديد هى أسعد فترات القراءة اللى هتمّر بيها .. بتكون فيها شخص سهل الإرضـاء وبتقبل كل ما يُعرض عليك من روايات وبتستمتع بيها جدًا
.. الاختيارات لامحدودة والأمـور بسيطة ، بالإضافة لنشـوة التجربة الجديدة .. ومفيش مانع ، من كل وقت للتانى ، تقرأ رواية تقيلة أو مكثفة شوية كنوع من التظاهر بالخبـرة ..
مع الوقت بتنهى كل الروايات الأكثر صيتًا حواليك ، وبيبدأ ذوقك يتجه فى ناحية معينة ، وبيكون صعب إرضاءك جدًا .. خياراتك بتقل ، وروايات قليلة بس اللى بتقدملك جرعة المتعة اللى بتحتاجهـا .. بتتشمم المحيط بتاعك عن كاتب جديد ، بتبدأ تبص للأمـور بمفهوم أوسع ، مش بتكتفى بالكاتب المحلّى اللى تعرفه ، لأ بتدوّر على كتّاب عالميين ، وكتّاب قُدام .. أصحاب نوبل وأصحاب الروايات الأكثـر مبيعًا فى العالم ..
المرحلة الجاية هى مرحلة (البحث عن النادر) ، والمرحلة دى زى ما هو باين من اسمها ، بتبدأ تدوّر فيها عن الروايات والكتب الأكثـر ندرة .. إنت دلوقتى قارئ مخضرم من الدرجة الأولى .. خلاص خلّصت كل ما يتحدث عنه القراء من روايات وكتب وبتبحث عن جديد .. وصلت إمكانية إرضاءك إلى درجة تقارب المستحيل .. بتحس بالاختناق لأنك مش لاقى اللى فى الكتب بيتطبق حواليك .. كل اللى بيتقال حواليك بقى شئ تافه ، لا يثير بداخلك إلا الكآبة والرغبة فى الانتحـار .. بتحتقـر أذواق الناس فى القراءة ، وبخاصة قراء المرحلة الأولى أو القراء الجُدد ..

المراحل دى هيمر بيها أى شخص بيحب القراءة فعلا ومش بيقرأ لمجرد الموضة ، لأن النوع ده من القرّاء ، قُرّاء الموضة ، هيزهقوا بسرعة وهيسيبوا القراءة عاجلًا أو آجلًا ..

الرسالة هنا للقرّاء المخضرمين .. لا تصرّح أبدًا بكرهك لذوق الناس أو لأنواع الكتب والروايات اللى بيقرأوها ، وخليك فاكر إنك عدّى عليك وقت كنت بتقراها وكنت بتضايق من اللى يحقّر من اللى بتقراه ..
ودُمتم .. 

Tuesday 19 August 2014

رفعت وماجى .. قصة حب لا تنتهى




قـرأت روايات رومانسية ليست بالقليلة ، ولكتاب مختلفين ، القديم منهم والجديد .. البطلة فيها دايمًا بتكون "رائعة الجمال" ذات وجه مستدير وأنف دقيقة وفم صغيـر .. والبطل دايمًا "وسيم" ممشوق القوام عريض المنكبين و "شعره مصفف بعناية " .. ومع كل ده متأثرتش لحظـة بالروايات دى .. محسيتش أبدًا إنها لمستنى او قدرت تخلينى أعيش اللحظة زى ما بيقولوا

لكن مع (رفعت اسماعيل) الأصلع العجـوز .. رفعت "الثعبان الذى يتظاهر بأنه سحلية " .. رفعت " عصا المكنسة الصلعاء " .. رفعت الذى يجمع الأمراض كطوابع البريـد ،و (ماجى) النحيلة البيضاء التى "يظهر كل وريد فى جلدها جليًا واضحًا " كان الأمـر مختلف .. قصة حب عشتها فى كل مراحل حياتى .. من أيام ما كنت بحب (سمر) اللى معايا فى الفصل لحد دلوقتى ، مرورًا بمئات من الاعجابات الزائفة وقصص الحب الساذجة ..

رفعت اسماعيل ، بسخريته من كل شئ ، كان دايمًا عنده القدرة إنه يفهمنى مشاعره ل ماجى .. كل مرة بلا استثناء ما زلت أذكر إنى كنت فى قصة حب فى الثانوية وكنت وقتها بقرأ ما وراء الطبيعة .. حفظت موقف رومانسى ، حكاه دكتور أحمد خالد توفيق على لسان رفعت اسماعيل ، كان أثّر فيا جدًا وقولته للبنت اللى بحبها ، وكان رد فعلها غريب جدًا .. قالت تعليق ملوش علاقة بأى حاجة من اللى قولتها ، وده بيّنلى أد ايه هى سخيفة وعقلها أكثر ضحالة من عقل نملة مصابة بالزهايمر .. وبعد الموقف ده توتر اللى بينا وانتهى بعد فترة قصيرة ..
كنت فاكر وقتها إنها ، طالما بتحبنى ، هتفهم كلامى .. لكنى كنت ساذجًا .. كالعادة

رفعت وماجى عاشوا معايا طول عمـرى .. وبرغم إنهم أبطال على الورق إلا إنهم سابوا تأثيـر فيّا أكبـر من ناس حقيقيين كتير عاملتهم ..
رفعت يا صديقى .. شكرًا لك على كل شئ ..
أتمنى أن تجد جنتك التى بحثت عنها دائمًا .. أتمنى أن تلحق بك ماجى هنـاك .. فتكون لها وتكون لك .. للأبـد .. كما أردتما دومـًا ..

Friday 15 August 2014

أدب السجون : كلمتان فى الزور




يُعرّف ( أدب السجـون ) بأنه تجربة حقيقية عاشها شخصٌ ما ، يكون هذا الشخص فى الغالب معتقلًا سياسيًا ، فى سجنٍ ما ثم كتب عنهـا ..
تأسس هذا الأدب منذ سنين طويلة ، وكانت رواية ( شرق المتوسط ) لعبد الرحمن منيف أحد المؤسِسات لهذا النوع من الأدب الذى ازدهر بعد ذلك وامتدت فروعه لتصل إلى كل أنحاء الوطن العربىّ تقريبًا ..
يواجه هذا النوع من الأدب مشاكلَ عدة ، وخاصةً من السلطة الحاكمة التى ترى فى هذا الأدب كشفًا لسياسات قمعية وغير انسانية تحدث داخل تلك السجون ، فتواجه السلطة ذلك الأدب إما بالترغيب وإما بالترهيب الذى يبدأ من مصادرة الرواية إلى التهديد الواضح بالقتل او السجن ..

نظـرًا لأن المجتمع العربىّ يعجّ بالقسوة والديكتاتورية فإن هذا الأدب من أكثر أنواع الأدب تطورًا وازدهارًا ، وقد كُتب فيه عشرات التجارب من بلاد وسجون مختلفة ، وإن كان القسط الأوفـر فى حظ سوريا ، فمنذ إنقلاب آزار الذى قاده ( حافظ الأسد ) ومن بعده ابنه ( بشار الاسد ) والبلاد فى حالة من القمع الذى لا ينتهى ..
كُتبت هناك العديد من التجارب عن السجون السورية مثل :
القوقعة : يوميات متلصص لـ مصطفى خليفة
يسمعون حسيسها لـ أيمن العتوم
نقطة انتهى التحقيق لـ سليم عبد القادر
وغيرها الكثيـر ..  اشتركت كلها فى بشاعة ما يحدث وراء القضبان من تعذيب وقتل وإهانة ..
هناك أيضًا التجارب المغربية ومعظمها يحكى قصص المعتقلين فى سجن تزمامارت الرهيب الذى اعتُقِل فيه مجموعة من الجنود لمحاولتهم قتل الملك ..
كتبت روايات عدة عن هذا السجن ومعتقليه كـ رواية ( الزنازنة 10 ) لأحمد المرزوقى  ،الذى قام بعد ذلك بحوار على قناة الجزيرة حكى فيه جزءًا مما تعرض له فى سجن تزمامارت المقيت .. حوارٌ ابكى كل من سمعه تقريبًا ، ورواية ( تلك العتمة الباهرة ) للطاهر بن جلون الذى حكى فيها تجربة المعتقل ( عزيز بنبين ) ..

والسؤال هنا : كيف يُصبح البشـر بهذه القسـوة ؟ من أين يأتى الجلادون بكل هذا القدر من الكراهية والحقد ؟ ألم يُخلقوا من نفس الطين الذى خُلقنا منه ؟! 

كان أحد أهداف ثورة يناير العظيمة ، وكل الثورات العربية ، هو الافراج عن المعتقلين السياسيين وإعادة الكرامة إليهم ، ولكنها فشلت ككل الثورات وتحوّلت فى النهاية إلى مزرعة حيوان جديدة ليتكرر النحس المصرى كالعادة ..
خلاصة القـول ، سيظل هذا الأدب مزدهرًا فى الوطن العربى طالما بقيت تلك الأنظمة المستبدة على رؤوس الدول ، وسيظلّ الانسان مُهانًا مستعبدًا حتى يقرر كسـر قيوده والثورة على كل هذا الظلم..

Wednesday 13 August 2014

ذكرى دماء ودموع




المشـهد الأول :

دُخـان كثيف يُعمـى القلـوب والأبصار .. خيام ممزقـة ودم أحمـر طاغٍ علـى كـل الألـوان .. أشـلاء مُتناثـِرة وجُثث تفتـرش
الأرض..أصـوات آلات وبنادق تقطـع الفضـاء فتُخفـى أصـوات الصـرخـات والدعـوات.

المشهـد الثانى :
صـرخات جزلة فـرحة بما يحـدث , تُنـادى بالقضـاء علـى تلك "الشـرذمة" التى أفسـدت وظلمـت .. ينـادون بتخليص الوطـن مِن مَـن هـم دونَ البشـر.

المشهـد الثالث :
أمـام التلفـاز يجلسـون .. اختلفـت آراؤهم .. فئـة تنـادى بالرحمـة واحتـرام الإنسـان أيـا كان رأيـه وتوجهه وأخـرى تطالـب بالمزيـد من القسـوة والقتـل والتشـريد.

بعـد أيـام طويلـة

المشهـد الأول :
اختفـى الحُـزن ، أو كـد ، وما بقى هو الألـم فى صـدرِ أمٍ فقـدتْ وحيـدَها , تدعـو فى صلاتهـا على من ظلـمَ وقتل , تنتظـر العدالـة الإلهيـة ، فلا عـدالةَ أرضيـة ستُريحهـا.

المشهـد الثانى :
لـم يختلـف الأمـر كثيـرًا .. ذهـب حاكـم وجـاء آخـر وبقـى الفسـاد والظلـم كمـا هـو .. أُلغـى دستـور وجـاء آخـر وما زال الفقيـر والغنىّ كمـا همـا .. ذهبت دولـة عواجيـز وأتت أخـرى ومـا زال الشبـاب مدفونًا تحت ركام الاهمال ، لكنـه يخـدعون أنفسـهم بأن ما هـم فيـه افضـل كثيـرًا مما مضـى.

المشهـد الثالث :
بقـوا علـى حالهـم , كل ما اختلف هو الفتـور والملل .. كل ما قيل قد قيل من قبـل ..لا شئ جـديد.


المشهـد الأخيــر 1
يجلـس وحيـدًا فى الظـلام , يرى الأمـر من منظـور مُختلف .. يعلـم أنهم سيخذلونه كمـا خذلوا غيـره .. لا يحـزن ولا يغضـب ,
فـ مكانـه الآن أفضـل كثيـرا مما سبق .. لا يهمه الآن إن اقتصّوا له أم لم يفعلـوا..
يضحـك ويضحـك ويضحـك..

المشهـد الأخيـر 2
أوقـد نارًا وجلـس يستدفئ عندمـا سمـع صوتَ ضحكـاتٍ صافيـةٍ قادمـةٍ من أحد القبـور المجاورة .. لم يقم من مكانه فقـد اعتـاد سماع تلك الضحكـات طوال الأيـام السابقة .. كانت قادمـة من قبـر أحد الشهداء .. 

أمـل



تقـول أمـى أن الحُلم كـ بالونـة تُمسِكُها يـداكَ بخيـطٍ هـو الأمـل .. متى تخلّيتَ عن الأمـل فقـدتَ بالونتـك ..

مذكرتى العزيزة .. إليكِ أفكارى



مذكرتى العزيـزة .. 
لن أطيـلَ عليكِ .. فقط أريـد أن اخبـركِ أننـى تعلّمـتُ درسـًا جديدًا .. 
تعلّمتُ أن أبقىَ تفكيـرى لنفسى وألا أسمح له بأن يتخطى جدران جمجمتى ..
تعلّمتُ أن الناس يرون ما يريدون فقـط ، وأنهم خُلقـوا ، فقط ، ليُحيلُوا حياتى إلى جحيـمٍ لا يُطـاق .. 
سجّلى اليومَ بين صفحاتكِ وانتظـرى أن اعـودَ إليكِ كما كنتُ أفعل قديمًا.. 
فليسَ مثلُكِ أمينًا على أفكارى ..